الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة- تداعيات اقتصادية عالمية وردود فعل دولية

بدأت اليوم (الخميس) سريان الرسوم الجمركية الجديدة التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، والتي تستهدف بلدانًا عديدة بنسب تصل إلى 50% على تشكيلة واسعة من البضائع. هذا الإجراء يأتي في إطار خطة ترمب لخفض العجز التجاري الأمريكي ودعم الصناعات الوطنية، وسط انتقادات دولية شديدة ومخاوف عميقة من تداعيات اقتصادية عالمية بعيدة المدى.
وتتضمن الرسوم الجمركية، المفروضة بموجب قانون الطوارئ الاقتصادية الدولية، ضريبة أساسية بنسبة 10% على جميع الدول، مع زيادات إضافية تصل إلى 41% على دول مثل البرازيل والصين والهند، التي تسجل فائضًا تجاريًا كبيرًا مع الولايات المتحدة.
وأكد ترمب في تغريدة له أن هذه الرسوم ستضخ "مليارات الدولارات" في خزينة الاقتصاد الأمريكي، متهمًا دولًا أخرى بـ "استغلال" أمريكا تجاريًا لعقود طويلة. وتستهدف الرسوم طيفًا واسعًا من المنتجات، باستثناء بعض السلع الأساسية مثل الأدوية وأشباه الموصلات وبعض المعادن الحيوية، بينما تُفرض رسوم إضافية على السلع التي لا يشملها اتفاقية التجارة الحرة الأمريكية الشمالية، مثل 25% على الواردات من كندا والمكسيك غير المتوافقة مع الاتفاقية.
وتعتبر هذه الرسوم جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية ترمب التي أطلقها خلال فترة ولايته الأولى، حيث فرض رسومًا على الصين وغيرها من الدول لمواجهة ما وصفه بـ "الممارسات التجارية غير النزيهة". وفي أبريل الماضي، كشف ترمب عن تطبيق رسوم متبادلة لمعالجة الخلل التجاري، مستندًا إلى إعلان حالة طوارئ اقتصادية بسبب "اختلال التوازن التجاري" و"السياسات غير المتبادلة" من الدول الأخرى.
وقد واجهت هذه السياسة معارضة قانونية، حيث حكمت محكمة التجارة الدولية الأمريكية في مايو 2025 بأن بعض الرسوم غير قانونية، إلا أنها ظلت نافذة المفعول خلال فترة الاستئناف.
من الناحية الاقتصادية، حذر خبراء من أن الرسوم ستؤدي إلى زيادة في الأسعار داخل الولايات المتحدة، حيث أوضحت شركات عالمية أنها سترفع أسعار منتجاتها بسبب التكاليف الإضافية الناتجة. وتشير تقديرات مؤسسة الضرائب إلى أن الرسوم سترفع العبء الضريبي على الأسر الأمريكية بمتوسط 1300 دولار سنويًا. كما أدت الرسوم إلى تباطؤ في عمليات التفتيش الجمركي على الحدود الأمريكية، مما أثر سلبًا على سلاسل التوريد العالمية.
وأثارت الرسوم خلافًا حادًا داخل الولايات المتحدة، حيث انتقد بعض الجمهوريين والديمقراطيين هذه السياسة، معتبرين أنها ستضر بالمستهلكين الأمريكيين. ورغم ذلك، يصر ترمب على أن الرسوم ستعمل على تعزيز الصناعة المحلية وتقليل الاعتماد على الواردات، خاصة من الصين، التي تواجه الآن رسومًا باهظة تصل إلى 245% بسبب الرسوم المتبادلة والإجراءات المتعلقة بأزمة الفنتانيل.
وتؤثر الرسوم الجديدة بشكل مباشر على ملايين الأسر والشركات في جميع أنحاء العالم، حيث أعربت دول مثل الهند عن استنكارها، واصفة الرسوم بـ "غير المبررة"، بينما سعت دول أخرى مثل بريطانيا وفيتنام إلى التفاوض لخفض الرسوم. وتشير التوقعات إلى أن الرسوم ستدر أكثر من 264 مليار دولار من الإيرادات للخزينة الأمريكية بحلول نهاية عام 2024، إلا أنها قد تتسبب في تقليل الناتج المحلي الأمريكي بنسبة طفيفة وتؤدي إلى فقدان حوالي 27,000 وظيفة بسبب الرسوم الانتقامية من الدول الأخرى.